الجمعة، 7 أكتوبر 2011

موضة الرفض جاهزة بكل المقاسات!


موضة الرفض جاهزة بكل المقاسات!
«كلا.. كلا.. كلا.. يسقط.. يسقط.. يسقط» كلمات لم تعد مرتبطة بالسياسة، والمهم في الحياة أن نرفض، قد لا يبدو الأمر منطقيًا، لكن الحجر السياسي الذي جثم طويلاً على قلوب الكثيرين ذكّرهم بالحجر الاجتماعي والثقافي الذي بدا أكثر ثقلاً وتساءلوا: «لماذا لا نزيحه هو الآخر؟»، فانتشرت على موقع الـ«فيس بوك» حملات إلكترونية تحمل عناوين، منها «الزوج يريد تغيير المدام» و«أنا بنت مصر ومهري غالي، وعاوزة راجل يكون مثالي»، «طول ما أنا مهيس حافضل عايش كويس»... وغيرها من الحملات الإلكترونية التي وجد الشباب والفتيات صورة لواقعهم المتمرد من خلالها، فلماذا نرفض؟ هل لنغير قناعات الآخرين أم لأننا شباب؟ أم أن العلاقات الاجتماعية القاسية وظروف العمل الصعبة تفرض ذلك؟ أم هي مجرد عدوى كما يرى المختصون؟ هذا ما نتعرف عليه في الملف التالي:

تغيير القناعات: 

قناعات تدل على ثقافة ما، صحيحة أم خاطئة، لم يكن الأمر مثار جدل سابقًا؛ فبعض الثوابت كانت كـ«الميثات» غير القابلة للانزياح، والتي طالما تحدث عنها الباحث الكندي نورثروب فراي، وطالب بتغييرها، ربما لذلك لفت إسلام سمحان، شاعر أردني، نظر الشباب إلى مسألة يراها هي الأهم في الرفض؛ لأنه يطالب بحملة على الفساد الثقافي والواسطة التي تكرس مبدعين وهميين على حساب مبدعين شباب مجددين، لكن حمزة جاجا، خريج مدرسة فندقية، من المغرب، وجدها مناسبة ليرفض التمييز بين الطبقات الاجتماعية. أما مروى، شابة تونسية، انقطعت عن الدراسة، فقررت أن تتحجب رغم معارضة والديها، وهي ترى أن الرفض يصبح مطلوبًا في المسائل المرتبطة بالقناعات.

بخل الزوج أيضًا علّم منى علي، ربة منزل مصرية، الاعتصام، فأمام شح زوجها المالي قررت أن تمتنع عن إحضار أي طعام إلى المنزل، وعندما لا يجد ما يسد به جوعه يضطر لفك كيسه، وإخراج نقوده! تعلّق منى: «هكذا تغلبت على جيناته».

وبما أن القناعات الثابتة موجودة في كل خطوة من خطوات حياتنا، والتي اعتبر محمود أحمد، طالب في كلية التجارة المصرية، بعضها عناصر الفساد فقد اعتصم أمام الفتاة التي قرر الارتباط بها بسبب عنادها، وتوقف عن الحديث معها، حتى اضطرت إلى تنفيذ أوامره بكل دقة، حسب قوله، يعلّق: «هددتها إذا تكرر هذا الأمر ثانية فسأعتصم مرة أخرى».

لأننا شباب: 
في الرفض أو الاحتجاج، الكل يريد المدينة الفاضلة، ولكن الكثيرين يهدمون أسس هذه المدينة قبل تشييدها عندما تظهر مآربهم الخاصة جدًا، ليبرز سبب الرفض ببساطة: «هكذا...لأننا شباب»! وهذا ما لاحظته شذى محمود، مضيفة طيران في شركة طيران الإمارات بدبي، وما يحصل هو تغيير للعقلية الشبابية الشرقية المبنية على الخوف، والالتزام بثقافة الأهل القديمة.

فبعد الثورة التونسية، التي أضربت فيها حتى التاكسيات؛ لأن أصحابها يطالبون بتخفيض ساعات العمل، تمردت والدة أحمد، تلميذ تونسي في الثانوية العامة، ولم تعد ترغب بأن تبقى كالخادمة في البيت، لا أحد يقدر عناءها، بينما ثار والده معترضًا على كثرة الإنفاق، وأعلن «الاعتصام» على طريقته، وامتدت العدوى إلى أحمد الذي رفض أوامر التقشف في مصروفه، والابتعاد عن أصدقائه، فبينما يعتبر نفسه ابن الثورة التي شارك فيها، مازال والده يراه قاصرًا، يعلّق أحمد: «أذعن أهلي لشخصيتي (الجديدة) التي يعتبرونها خارج الخط المرسوم».

وتتذكر الطالبة الجامعية البحرينية، سارة ناصر الجناح، قصة صديقتها التي أضربت عن تناول الطعام؛ للضغط على أهلها ليسمحوا لها بالسفر لإكمال دراستها في الخارج، وبعد أن ساءت حالتها الصحية وافق والدها على سفرها ثم اكتشفوا أن والدتها كانت متواطئة معها، وتزودها بالطعام بالخفاء.

هو من أتباع حملة «طول ما أنا مهيس، حافضل عايش كويس»، وعندما قرر مصطفى أبو شادي، طالب في أولى هندسة، من مصر، الانتماء إليها أحس بنفسه جريئًا ولا يخشى شيئًا، وواجه شجارات والديه بأن ترك المنزل قاصدًا منزل جدته؛ ليختبئ فيه، يستطرد: «هذه الخطوة كنت لا أقدر على القيام بها من قبل».

أما مازن حاتم، طالب مصري في المرحلة الثانوية العامة، فقد تعلّم أنه عندما لا يجد الطعام الذي يريده أن يضرب عنه تمامًا؛ حتى تقوم والدته بإحضار ما يريد، وهذا الأمر ينطبق على كل مستلزماته، يتابع: «هناك شيء واحد لم أحصل عليه حتى الآن وهو موافقة والدي على أن أقود سيارة بمفردي».

لا لشيء سوى أنها أصبحت من أنصار حملة «لا» هذا ما تعودته عبير، تونسية في المرحلة الثانوية، فعندما عاتبها والدها على إدمانها على الـ«فيس بوك» تمردت، ومرة أخرى قالت: «لا».

لكن محمد حمزة، طالب مصري، بجامعة الأزهر، لم يصل إلى هذه المرحلة، حسب رأيه، إلا أن والده عندما قلل مصروفه وجد نفسه يعتصم عن أخذ أي مبلغ منه، فما كان من الأب إلا أن تركه وشأنه حتى اضطر للقبول بالمصروف بكل خضوع!

يستغرب مصور تليفزيون البحرين صلاح سلمان هذا التمادي في الاحتجاج الشبابي، فقد عمد عدد من معارفه إلى ترك منازلهم احتجاجًا على عدم الموافقة على الدراسة في بيوت زملائهم، ورفضوا المصاريف بحجة أنهم قادرون على تدبير أمورهم. يعلّق صلاح: «أصبح الواحد منهم يرفض ما يقوله الأب على اعتبار أنه من «جيل الثورات»!

في حين أن الأخوين ناصر وفهد السنيدي (طالبان في كلية الطب بجامعة الخليج العربي في البحرين) يلجآن للاحتجاج من خلال الصمت أو الابتعاد عن المشاركة في الحياة الأسرية، ويفترضان أن طريقتهما هذه لن تمكن أبويهما من فرض زوجة المستقبل على أحدهما.

الرفض الزوجي: 

لو ضيّق الإطار اجتماعيًا، فسيترك الأمر أثره السلبي عليك، وقد تصبحين عدوانية أو انسحابية، ولكن في هذا التحقيق وجدتها هناء محمد، خريجة جامعية سعودية، فرصة لترفض هي طريقة زواج الصالونات، علّ الشبان هم الذين ينسحبون، وحين حاول أبوها إجبارها على قبول آخر عريس تقدم لها حبست نفسها في دورة المياه لست ساعات، ما دفعه إلى أن يقول لها: «اخرجي، وانسي موضوع العريس». تؤيدها فاتن كماز، اختصاصية تجميل، من المغرب، فالفتيات العربيات، برأيها، لا يعشن كما يحلو لهن، وكل اللواتي يرتدن محلها يفعلن ما يريده الرجل حتى لو لم يكن جميلاً. ربما تتكلم من وجهة نظر فردية فأمينة السودي، ناشطة اجتماعية مغربية، وجدت مرادها في اتباع طريقة الحوار مع من هم أكبر سلطة منها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق